* قداستها * حياتها * رسالتها * عائلتها * رسالة إلى رجال ونساء اليوم * رسالة إلى علمانيّي العمل الكاثوليكي * رسالة إلى الخطّاب وإلى العائلات * رسالة إلى الأطباء وإلى العاملين في الحقل الطبّي
I قداستها:
عندما أعلن البابا يوحنّا بولس الثاني قداسة الطبيبة، جيانّا بيريتا مولّلا بحضور زوجها وأولادها في ساحة بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، صبيحة الأحد 16 أذار 2004 ، مع خمسة قديسين آخرين ينتمون إلى السلك الكهنوتيّ والرهبانيّ ، بينهم القديس نعمة الله كساب الحرديني ، أظهر للعالم أن الدعوة إلى القداسة موجّهة للجميع، وهي ليست حكراً على الرهبان والكهنة ، والراهبات ، وأن الإجابة عن هذه الدعوة لهي أمر ممكن لمن يعيش الحبّ في وجه من وجوهه المتعدّدة. لقد قدّم البابا هذه القديسة كرسولة بسيطة متواضعة لحبّ الله المتجسّد ولكن رسالة حبّها هذه معبّرة للغاية في عالم اليوم منهمك بحضارة الموت من الإجهاض إلى ما يسمّى القتل الرحيم.
أ- ولدت جيانّا بيريتا مولّلا في ماجينتا (ميلانو- إيطاليا) في 4 ت1 1922 وسط عائلة ملتزمة، هي العاشرة من عائلةٍ مؤلفة من ثلاثة عشر فرداً بينهم راهبٌ وكاهنٌ كبوشي مُرسل في البرازيل، وراهبة مرسلة في الهند. وقد ترجمت إيمانها عبر الإلتزام في العمل الكاثوليكي الذي كان بهتم باليتامى والعجزة. كانت كل يوم تشارك في الذبيحة الإلهية منذ طفولتها.
ب- في العام 1941 ، نالت إجازة في الطبّ والجراحة من جامعة "بافي" فأنشأت في العام 1950 مستوصفاً في ميسيرو. تخصّصت في طبّ الأطفال في جامعة ميلانو وكانت تفضّل مجالسة الأمهات والأطفال والعجزة والفقراء.
ت- إتخذت الطبّ مهنةً ورسالة وقد جدّدت التزامها في العمل الكاثوليكي معطية ذاتها بدون حساب. في الوقت عينه كانت تتمتّع بجمال الكون. فتشعر بفرح كبير عند ممارستها رياضة التزلّج. كانت تتساءل دائماً عن سرّ هذا الجمال وتمجّد الخالق عبر مخلوقاته. لبّت نداء الربّ من جديد عبر تأسيس عائلة مسيحية، فأعلنت خطوبتها على المهندس بيار مولّلا وكانت في غاية السرور والسعادة. تزوّجت في 24 أيلول 1955 ، وكانت تعي تماماً واجباتها كزوجة وأم من جهة وكطبيبة من جهة أخرى.
ث- في العام 1961 إختبرت سرّ الألم في حياتها. أثناء حملها الرابع، إتضح للأطباء أنها تعاني من مرض خبث في الرحم مما يوجب استئصاله. وعلى رغم إدراكها الكامل لمخاطر إكمال في حالتها هذه ، توسّلت إلى طبيبها كي لا يجهض مولودها فيحرمه "متعة الحياة" والتجأت إلى الله كي ينقذ جنينها. وقبل إنجابها بيومين تضرّعت إليه بالقول " يا ربّ إذا أردت أن تختار بيني وبين الطفل ، فلا تتردّد. أنا كلّي لك وأتوسّل اليك أن تنقذ حياته"
ج- في 21 نيسان 1962 ، أبصرت إبنتها "جان إيمانويل " الحياة وكانت تنعم بصحّة جيدة. وفي صبيحة 28 نيسان وعلى رغم العناية الصحيّة التي تلقّتها جيانّا والجهود المبذلة لإنقاذ حياتها . إستودعت روحها بين يدي خالقها وسط آلام مبرحة وهي تردّد: "يسوع أنا أحبّك ، يسوع أنا أحبك."
ح- وفي 23 آب 1973 أعلن البابا بولس السادس تكريم جيانا. في 24 نيسان 1994 أعلنها البابا يوحنّا بولس الثاني طوباوية، وفي 17 أيار 2004 ، قديسةً على مذابح الكنيسة جمعاء.
أول الصفحة
III رسالتها:
قبل زواجها، فكّرت الطبيبة الشابة جيانّا بالذهاب إلى البرازيل كمرسلة علمانية لخدمة الفقراء الذين كان يهتم بهم أخوها ألبيرتو، الطبيب والكاهن الكبوشي المرسل، في مستشفى بني بمعونة شقيق آخر لهما. هذه الدعوة التي لم تستطع تحقيقها عملياً ، لأن الربّ كان قد فكّر لها بدعوة أخرى في الزواج، تحققها اليوم في البرازيل وفي كافة أنحاء العالم من خلال النعم التي يتمّ الحصول عليها بشفاعتها بحسب الشهادات التي وصلت إلى روما.
لقد أعلنت طوباية يوم 24 نيسان 1994 ، في السنة العالمية للعائلة، وكانت الأعجوبة التي اعتمدت، تلك التي جرت مع والدة برازيلية استطاعت متابعة حملها إلى النهاية بالرغم من ظروف طبّية صعبة للغاية ، وذلك بفضل شفاعة القديسة جيانّا مولّلا، وكان ذلك سنة 1977.
وهناك والدة برازيلية شابة أخرى من مدينة فرنكا، طلبت هي أيضاً شفاعة القديسة ، واستطاعت إنجاب طفلة أمام دهشة الأطباء ، لأن تمزّق الأغشية في الشهر الرابع من الحمل جعل الجنين ينمو بدون السائل الاسلوي (ما يعرف في اللغة العاميّة ب"ميّة الراس"). لقد ولدت الطفلة يوم 31 أيار 2000 ، في الشهر الثامن بجراحة قيصرية ، كانت تزن 1820غ ، ولكن من دون أي مضاعفات حتى التنفسيّة منها، وسمّيت جيانّا ماريا.
لذلك نفهم حماسة الحجاج البرازيليين وعددهم الكبير في ساحة القديس بطرس يوم إعلان قداستها. فقد أصبحت هذه الوالدة القديسة ، التي عرفت ألم الإجهاض العفويّ مرّتين، حاميةً وفيعةً للأمهات البرازيليات.
" أن أرشيف العائلة ، المكّون من شريط فيلم الزواج والرسائل التي كتبتها القديسة إلى خطيبها وزوجها ، يظهر ودّ هذين الزوجين وحنانهما لبعضهما وسعادة حياتهما الزوجية. فكم نحن بحاجة اليوم إلى هذا المثال الرائع المعاش بين زوجين مسيحيين لتسترجع الأسرة جمالها الأول، وتتجلّى كمكان تعشش فيه السعادة عندما يبنى الزواج على صخرة المسيح.
إن الأسرة تتعرّض اليوم لأخطار ومصاعب عديدة تهدّد استمراريتها. فأمام الصعوبات التي يواجهها الزوجان في علاقتهما مع بعضهما البعض، نشهد تكاثر عدد الزيجات التي تفشل، والتي تنتهي أحياناً بالانفصال، بسبب التعنّت والكبرياء وفقدان المغفرة والتسامح بين الزوجين وعدم قبول الشريك الآخر بضعفه ومحدوديته. لذلك أرات الكنيسة أن تقدّم للعالم الميسحيّ، عبر إعلان قداسة جيانّا بيريتا مولّلا بحضور زوجها وأولادها، شهادةً حيّة للأزواج المسيحيين ليؤسّسوا زواجهم على يسوع السيح الربّ، الذي يعلّم الإنسان الحبّ الحيقيقي والتضحية بالذات لأجل من نحبّ. إن العمل البطولي الذي قامت به هذه القديسة، مقدّمةً حياتها في سبيل إنقاذ حياة طفلها ، لم يكن حدثاً بالمصادفة ولا قراراً منفصلاً ولد في ساعته، بل كان نتيجة حياة حبٍ بنيت على المسيح، حياة كانت تتغذّى يومياً من هذا الحب ومن كلمة الربّ وجسده القرباني.
بدء كائن بشري جديد والإجهاض!
بما أن حياة الجنين هي حياة بشرية كاملة، على العاملين الصحيّين أن يتفهَّموا أن الإجهاض غير مسموح لأنه عملية قتل إنسان بشري بريء. ففي بيان مجمع العقيدة والإيمان في الكرسي الرسولي في 18/6/1974 حول الإجهاض المفتعل، جاء ما يلي:”منذ اللحظة التي تخصَّب فيها البويضة تبدأ حياة جديدة ، وهي ليست حياة الأب والأم، بل حياة كائن بشري ينمو ذاتياً...“
إن طرق الرب كلها جميلة على أن تكون نهايتها موجهة دائماً لخلاص نفسنا، والنجاح في اصطحابها معها، إلى الفردوس ، أنفس قدّيسة عديدة ، لتمجد الربّ. لنبتسم للربّ الذي منه تأتي كل هبة. لنبتسم للأهل والأخوة والأخوات لأنه علينا أن نكون مصادر فرح حتى عندما يحمّلونا واجبات تتنافى مع عنفواننا. لنبتسم ذائماً مسامحين الإهانات. لنبتسم في المجتمع متخطين كل انتقاد وتمرمر. لنبتسم لكل من يٌرسلهم الربّ إلينا خلال النهار. إن العالم يُفتش عن الفرح ولا يتلاقي به ، لأنه بعيد عن الله. نحن، الذين فهمنا بأن الفرح يأتي من عند يسوع. فبقلبنا نحمل الفرح مع يسوع وهو يصبح القوة التي تسعفنا .
يتمنى الرب أن يرانا بقربه لتواصل، بسرّ الصلاة، بسرّ ارتداد الأنفس التي نقترب منها... فلا يُمكن أن يَمر أي نهار في حياة الرسول دون أن يَجد فيه وقتاً مُحدّداً للإختلاء على قدميّ الإله... نعم نعمل، نضحّي بذاتنا، ليس لنتمتع بشهرة ولكن لمجد الله فقط. نرمي الحَبّ الغير الموجود في داخلنا ونزرعه بدون تعب البتة. لا نتوقف كثيراً لنرى ماذا سيحصل. وحتى بعد القيام بأي على أحسن وجه وإن لم يتكلل بالنجاح، لنتقبله برحابة صدر. أن قبول رسول، لعدم نجاح عمل ما، كان قد حطّط لنجاحه بكل الوسائل، هو مفيد للخلاص، أكثر من حدث نجاح هذا العمل بالذات.
(مقتطفات من محاضرة لشباب العمل الكاثوليكي 11)
رسالة إلى الخطّاب وإلى العائلات
عندما أفكر بِِحبنا المتبادل الكبير، لا أتوانى عن شكر الرب. إنه لصحيح بأن الحب هو أجمل شعور وضعه الرب في نفس البشر. ونحن نريد لبعضنا البعض الخير الدائم. مثل هذا الوقت. بيار... بيار. أودّ أن أكشف لك عن كل شعوري وعن كل ما في قلبي. ولكن أنا غير قادرة. وأنت من يُدرك شعوري بعمق. علِّني أن أتعرف إليك.
بيار حبيبي ، أنا أكيدة بأنك ستُسعدني دائماً نظير شعوري في هذه الساعة بأن الربّ سيستجيب صلواتك لأنها طُلبت منه بقلب كان دائماً يُحبه ويَخدمه بقداسة... هكذا مع عون وبركة الله سنبذل جهدنا لتكون عائلتنا الجديدة بيت قربان صغير، حيث يملك يسوع فوق كل شعورنا وتمنياتنا وأعمالنا. يا بياري (mon Pierre) تنقص أيام قلائل ، وأنا متأثرة كثيراً لأنني أقترب من قبول سرّ الحب. سنصبح شركاء الله في الخلق. يمكننا هكذا إعطاؤه أولاداً يحبونه ويخدمونه. بيار هل باستطاعتي يا ترى أن أصبح الزوجة والأم التي تمنيتها؟ أريد هذا الشيء بالطبع، لأنك تستحقه ولأنني أريد كل خير لك.
(من رسالة إلى خطيبها بيارو مولّلا 4 أيلول 1955)
رسالة إلى الأطباء وإلى العاملين في الحقل الطبّي
كلّ منا في العالم يعمل، بطريقة ما، في خدمة البشر. نحن الأطباء نعمل مباشرة على الإنسان. موضوعنا العلمي هو الإنسان الذي يهبنا ذاته ويقول لنا من تلقاء نفسه وعن ذاته "ساعدوني" وينتظر منا ملء وجوده. يقول لنا المسيح : من هو الإنسان. الإنسان ليس الجسد فقط. هناك فكر في هذا الجسد وإرادة باستطاعتها أن تتخطى الآلام وليس أكثر. في الجسد يوجد الروح وبما أنه روح فهو غير فانٍ... ماذا يقول يسوع؟ عليكم أن تهتموا بأجسادكم، لأن الله أدخل الإلهي في الإنساني لكي يُسبغ قيمة كبيرة على كل عمل نقوم به. هناك الكثير من السطحية في عملنا اليوم... في عمل الخير: لدينا ظروف تفوق على ظروف الكاهن. إن رسالتنا لا تنتهي عندما ينتهي مفعول الأدوية ولا تعود تلزم لشيء. هناك أنفس علينا أن نوصلها إلى الله، وكلمتكم هي المؤهلة لهذا العمل... إن سرّ الإنسان الكبير هو "وجود يسوع" من زار أحد هؤلاء المرضى زارني "أنا" كما أن الكاهن يمكنه لمس يسسوع كذلك نحن الأطباء نلمس يسوع في جسد مرضانا: الفقراء، الشباب، العجزة، الأطفال، ليُرينا يسوع ذاته في ما بيننا. أول الصفحة (من مخطوطات سنة 1950- 1953)
ساهم في إكمال هذا العمل الرسولي:
مستشفى سيدة زغرتا/ مطبعة جوزيف د. الرعيدي / أخوية قلب يسوع الأقدس "الرحمة الإلهية "