صدور الرسالة العامة الأولى للبابا بندكتس السادس عشر: الله محبة
 

عُقد ظهر هذا الأربعاء مؤتمر صحفي في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، لتقديم الرسالة العامة الأولى للبابا بندكتس السادس عشر والتي تحمل عنوان "الله محبة". شارك في المؤتمر الصحفي الكاردينال ريناتو مارتينو رئيس المجلس البابوي "عدالة وسلام"، والمطران وليام جوزيف ليفادا، عميد مجمع عقيدة الإيمان والمطران بول جوزيف كورديس رئيس المجلس البابوي قلب واحد "كور أونوم". وقد صدرت الرسالة بست لغات هي: الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، الإسبانية والبرتغالية.

يستهل الحبر الأعظم رسالته بآية من رسالة القديس يوحنا الأولى "الله محبة، من أقام في المحبة أقام في الله وأقام الله فيه" (1 يوحنا 4، 16). وتُقسم الرسالة إلى قسمين أساسيَّين: القسم الأول يقدّم نظرة لاهوتية وفلسفية إلى المحبَّة في مختلف أبعادها، فيما يتناول القسم الثاني ممارسة وصية المحبة حيال الشخص الآخر.

ويكتب الحبر الأعظم في رسالته العامة "الله محبة" أن كلمة "محبة" أو "حبّ" شائعة الاستعمال في عالم اليوم وتحمل في طياتها معان كثيرة. ويقول قداسته إن الحبَّ بين الرجل والمرأة، والذي زرعه الله الخالق في قلب الإنسان، يحتاج إلى النضوج والتنقية كي لا يفقد كرامته الأساسية وينحدر إلى مستوى العلاقة الجنسية البحتة، ويتحول إلى سلعة. ويمكن تخطّي هذه المشكلة عندما ينشأ تناغم تام بين الطبيعتَين الجسدية والروحية للكائن البشري، ويُخرج بذلك الحبُّ الإنسانَ من أنانيته لينفتح على الآخر وليبحثَ عن سعادة الطرف الثاني ويهبَه نفسه.

ويقول قداسة البابا في القسم الأول من رسالته العامة: في يسوع، الذي هو محبة الله المتجسدة، بلغت المحبة ذروتها، عندما مات المسيح على الصليب مضحياً بذاته من أجل خلاص الإنسان. وما يزال يسوع يهب ذاته إلينا كلّ يوم من خلال سر الإفخارستيا. ومن خلال مشاركتنا في هذا السرّ نتّحد معه ومع بضعنا البعض لنصبح كلّنا جسداً واحداً، وتمتزج بالتالي المحبة حيال الله مع المحبة حيال القريب.

وفي القسم الثاني من رسالته العامة "الله محبة" يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر إن محبة القريب تستمد جذورها من محبة الله. وفي العصور الأولى من حياة الكنيسة حاولت جماعة المؤمنين أن تعكس هذه المحبة، من خلال نشاطاتها الخيرية. ومنذ انتشار الكنيسة أصبحت أعمال المحبة هذه جزءاً لا يتجزّأ من المهام الثلاث الموكلة إلى كل جماعة كنسيّة، إضافةً إلى "إعلان كلمة الله" و"الاحتفال بالأسرار المقدسة". وهي مهام تسير دائماً جنباً إلى جنب ولا يُمكن فصل الواحدة عن الأخرى.

وتابع البابا يقول: هناك من اعترض على نشاطات الكنيسة الخيرية خلال القرون الماضية ورأى فيها تناقضاً مع مبدأ العدالة، إذ قيل إن الكنيسة، ومن خلال هذه النشاطات، تولّد ظروفاً اجتماعية تحول دون تمرّد الفقراء على الأغنياء، ودون قيام عالم أفضل. ويذكّر البابا بأن السعي إلى قيام نظام عادل داخل المجتمع وداخل الدولة، يدخل في إطار النشاط السياسي. ويقول قداسته إن العقيدة الاجتماعية للكنيسة لا ترمي إلى إعطاء الكنيسة سلطة على الدولة، بل هدفها الإسهام في تنشئة الضمائر، كيما يعي الجميع ما هي متطلبات العدالة الحقيقيَّة، التي ينبغي الاعتراف بها ثم تطبيقها.

ومن بين النتائج الإيجابية لظاهرة العولمة اتساع رقعة التضامن بين البشر، لتتخطى الحدود الجغرافية للدول وتنفتح على العالم بأسره. ولهذا السبب أبصرت النور منظمات وهيئات عدة هدفها القيام بنشاطات خيرية. لكن من الأهمية بمكان ـ قال البابا ـ ألا يفقد النشاط الخيري للكنيسة هويته بل يجب أن يحافظ على تألق المحبة المسيحية.

ينبغي إذاً أن يرتكز النشاط الخيري المسيحي على خبرة اللقاء الشخصي مع المسيح، الذي تلامس محبته قلبَ المؤمن وتوقظ فيه شعور المحبة حيال القريب. ويجب أن يكون النشاط الخيري المسيحي مستقلاً عن أي حزب سياسي أو أيديولوجية. المحبة المسيحية مجانية ـ تابع البابا يقول ـ ولا ترمي إلى تحقيق أية مآرب. ويتعين على المسيحي أن يعرف متى يجب أن يتحدّث عن الله ومتى يترك أعمال المحبة تتكلم.

وفي ختام رسالته العامة "الله محبة"، يذكّر البابا بندكتس السادس عشر بأهمية الصلاة. ويقول قداسته: الصلاة ليست مضيعة للوقت، حتى إذا تبيّن أن الوضع يتطلب العمل وحسب. إن من يصلّي يحاول ـ على مثال العذراء مريم والقديسين ـ أن ينتهل من الله قوة المحبة التي تنتصر على الأنانية والظلمة التي يقبع فيها عالمنا.

http://www.oecumene.radiovaticana.org/ara/Articolo.asp?c=63615

 


حركة مار شربل للحياة
Saint Charbel for Life
Back to Home page
E-mail us: info@lilhayat.com