الصفحة الرئيسية|
غرفة الأخبار |
إبحث |
مواضيع ثقافية|
الإجهاض |القتل
الرحيم
|
مشروع الزيارة
| سرّ التوبة |
صوت|
فيديو|
بابا روما |صلاوات
للحياة
|
سؤال وجواب|
البطريرك |
الأسقف الراعي|
الاحد 18 اذار 2007
الاحد الخامس من الصوم
شفاء المخلع
المسلك الجديد
المحاضرة الصوتية إضعط هنا MP3 Download
من انجيل القديس مرقس 2/1-12
عاد يسوع الى كفرناحوم. وسمع الناس أنه في البيت. فتجمع عددٌ كبيرٌ منهم حتى غصّ بهم المكان، ولم يبقَ موضعٌ لأحدٍ ولا عند الباب. وكان يخاطبهم بكلمة الله. فأتوه بمخلع يحمله اربعة رجال. وبسبب الجمع لم يستطيعوا الوصول به الى يسوع، فكشفوا السقف فوق يسوع، ونبشوه، ودلّوا الفراش الذي كان المخلع مطروحاً عليه. ورأى يسوع إيمانهم، فقال للمخلع: " يا ابني، مغفورة لك خطاياك". وكان بعض الكتبة جالسين هناك يفكرون في قلوبهم: ": لماذا يتكلم هذا الرجل هكذا؟ إنه يُجدف! من يقدر أن يغفر الخطايا إلاّ الله وحده؟". وفي الحال عرف يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا في أنفسهم فقال لهم: " لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم؟ ما هو الأسهل؟ أن يقال للمخلع: مغفورة لك خطاياك؟ أم أن يقال: قمْ احمل فراشك وامشِِ؟ ولكي تعلموا أن لابن الانسان سلطاناً أن يغفر الخطايا على الارض"، قال للمخلع: " لك أقول: قمْ إحمل فراشك، واذهب الى بيتك!". فقام في الحال وحمل فراشه، وخرج أمام الجميع، حتى دهشوا كلهم ومجدوا الله قائلين: " ما رأينا مثل هذا البتة!".
***
سماع كلام الله ولّد الايمان بقدرة المسيح الالهية والمحبة تجاه المحتاج لدى الرجال الاربعة الذين حملوا المخلّع الى يسوع. وبرجاء وطيد ثقبوا السقف ودلّوا السرير الذي كان المخلع عليه. الايمان والمحبة والرجاء، هذه ثمار سماع كلام الله، تقدمها اللوحة الانجيلية التي تنطبق على الافراد والجماعة، مخلعين كانوا ام حاملين المخلع، فيما المسيح هو هو امس واليوم والى الابد ( عبرانيين 13/8)، يغفر الخطايا ويشفي الامراض ويقدس الاوجاع.
***
اولاً، المفهوم اللاهوتي لنص الانجيل
1. الايمان من السماع
يؤكد بولس الرسول ان الايمان يولد من سماع كلام الله، وان من يدعو باسم الله بايمان يخلص ( روم10/13 و17). ان الذين سمعوا كلام الله من فم يسوع في كفرناحوم ابتهلوا بالاعمال والمواقف من اجل المخلع، فشفاه يسوع نفساً وجسداً: " لما رأى يسوع ايمانهم، قال للمخلع: مغفورة لك خطاياك...قم احمل سريرك واذهب الى بيتك" ( مر 2/5 و11).
بل الكنيسة تولد من سماع كلام الله: " اجتمع الكثيرون وكان يلقي عليهم الكلمة" ( مر 2/2). هكذا نشأت الكنيسة الاولى: "كانت كلمة الله تعلن وتنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر في اورشليم، وكان كثير من شعب اليهود ينصاع للايمان" ( اعمال 6/7). لكن ما يميّز كلام الله عن كلام البشر هو ان بكلام الله، على ما يقول بطرس الرسول، " تصير نفوسكم مقدسة بالخضوع للحق، وتمتلىء بالمحبة بدون محاباة، فتحبون بعضكم بعضاً بقلب طاهر كامل، كاناس ولدتم ثانية بكلمة الله الحية الباقية الى الابد" ( 1 بطر 1/21). وسيقول القديس اغسطينوس: " كرز الرسل بكلام الحق وولّدوا الكنيسة".
الايمان يولّد الخلاص، كما اكّد الرب يسوع للمرأة النازفة: " تشجعي يا ابنتي، ايمانك احياك" (لو 8/48)، وللرسل الذين ارسلهم لينادوا بالانجيل في الخليقة كلها: " فمن يؤمن ويعتمد يخلص، ومن لا يؤمن يهلك" ( مر 16/16).
يقول آباء المجمع الفاتيكاني الثاني: " بقوة الكلمة الخلاصية، يضىء الايمان في قلب غير المؤمنين، ويغتذي في قلب المؤمنين، وتبدأ جماعة المؤمنين وتنمو." في اعلان سرّ المسيح بالكرازة الصريحة، او بتعليم عقيدة الكنيسة، او بمواجهة معضلات الزمن في ضوء المسيح، او بشهادة ومثل حياتهم الذي يحمل على تمجيد الله، لا يعلّم رعاة الكنيسة حكمتهم الخاصة، بل كلام الله؛ ويدعون الجميع بالحاح الى الارتداد والقداسة" ( القرار في خدمة الكهنة وحياتهم الكهنوتية، 4).
الصوم الكبير هو زمن سماع كلام الله والتوبة والتغيير الجذري في المسلك والاعمال. من واجب كل مؤمن ان يشارك في الرياضة الروحية التي تقام في رعيته. انها وقفة مع الذات نصغي فيها الى كلام الله، فنفحص الضمير ونكسر الرتابة وننقي الذاكرة بالمصالحة مع الله والاخوة والكنيسة، نستغفر ونغفر، ونقوم بتعبئة روحية للفكر والقلب والعلاقات. الرياضة خلوة مع الله نناجيه في الصلاة، ونستلهم ارادته على هدي الروح القدس، ونلتزم بطاعتها والعمل على تتميمها في حياتنا وعملنا، متبعين خطى الرب يسوع بالامانة لدعوتنا ورسالتنا.
عندما بادر يسوع المخلع بغفران خطاياه، اراد ان يبيّن انه "مخلع" في نفسه وروحه بالخطيئة التي تخلّع العقل والارادة والقلب: فالعقل المفطور على الحقيقة ينحرف الى الكذب، والارادة الموجّهة الى الخير تنزع الى الشر، والقلب موطن الحب والحنان يتسع للحقد والبغض. هذا النوع من الخلل الروحي في داخل الانسان، على صورة المخلع في جسده، عبّر عنه بولس الرسول بالقول: " الشريعة روحية اما جسدي فمبيع للخطيئة. ولست ادري ماذا افعل. فالشيء الذي اريده لا افعله، والشيء الذي لا اريد فاياه افعل. اذا فعلت ما لا اريده، اكون شاهداً للشريعة انها حسنة. اذاً، لست انا من يفعل الآن هذا، بل هي الخطيئة الساكنة فيّ... فما أتعسني انساناً، من ينقذني من جسد الموت هذا؟ اشكر الله بربنا يسوع المسيح، فانا الآن بضميري عبد لشريعة الله، واما بجسدي فعبد لشريعة الخطيئة" ( روم 7/14-17، و24-25).
هذا الشلل العميق في داخل الانسان يؤدي الى شلل في الاسرة والمجتمع والوطن، يصفه الدستور المجمعي " الكنيسة في عالم اليوم" (عدد8). وترسم صورة مقلقة عنه الرسالة البابوية " في الرحمة الالهية": خطر وقوع نزاع مسلح يؤدي بقسم من الجنس البشري الى ابادة ذاته لما تكدّس فيه اليوم من اسلحة نووية؛ خطر المدنيّة المطبوعة بطابع المادة والفارغة من المشاعر الانسانية، بالرغم من التصريحات بشأن حقوق الانسان، اذ يخشى ان تستعمل الادوات الحربية من اجل مصالحها المادية؛ الخوف من اخضاع الافراد والبيئات وسلبها الحرية الداخلية والقدرة على المجاهرة بالحقيقة والايمان الداخلي والقوة على تلبية صوت الضمير الذي يرشد الانسان الى الطريق القويم؛ القلق مما يمارس من تعذيب تلجأ اليه السلطة عن قصد وتصميم، وتستخدمه وسيلة للسيطرة والضغط السياسي، ويقوم به، دونما عقاب، الزبائن والاتباع؛ الاحساس بما يتهدد الحياة بالقضاء قضاءً مبرماً على ما هو من صميم كيان الانسان، اي كرامته وحقه في الحقيقة والحرية؛ الفوارق الكبيرة بين الناس: جماعات يسعدون ويتمتعون بفيض من الخيور ويشكون التخمة، ومئات الملايين يعيشون في فقر مدقع وشقاء وغالباً ما يموتون جوعاً؛ انظمة فاسدة سياسياً واقتصادياً تحول دون خروج العائلة البشرية من الحالة المخزية الظالمة ( البابا يوحنا بولس الثاني في الرحمة الالهية،11).
كذلك المجتمع والوطن اللبناني يعاني من شلل بسبب انتقاص السيادة والتدخلات الخارجية الرامية الى ازكاء التفرقة، وتعطيل الحياة السياسية والديموقراطية، وتعاظم الديون، وتكاثر اعداد الفقراء، وتزايد قطاع البطالة، وركود الانتاج الزراعي والصناعي وتغريقه في سوق السلع الخارجية.
وفيما يسعى الشعب اللبناني وشبابه وذوو الارادة الحسنة المحليون والاقليميون والدوليون الى التوسط لشفائه من هذا الشلل، مثل الرجال الاربعة الذين حملوا مخلع كفرناحوم الى يسوع، نرى سيئّي النوايا وذوي المصالح الرخيصة والمأجورين والمستعبدين يحرّضون على التفرقة والانقسامات والتخوين بالكل. لكن " الوطن لا يقوم ولا ينهض ولا يزدهر إلا بتضافر جهود جميع ابنائه. لكل دينه ومذهبه وطريقته ودعوته وعمله، ولكن الوطن مثل الله هو للجميع. فحذار الفتنة ومن يراهن عليها ليحول دون استعادة لبنان جميع مقوماته من سيادة واستقلال. ولنتقِ الله في هذا الوطن الفريد بين الاوطان" (البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير).
شفى يسوع الرجل المخلع اولاً من شلل نفسه غافراً خطاياه، ثم شفاه من شلل جسده، فكان الشفاء الثاني البرهان المنظور للاول. وهكذا اجاب على تساؤل الكتبة والفريسيين: " من يستطيع ان يغفر الخطايا غير الله وحده؟"، مبّيناً ان لابن الانسان، وهو ابن الله، " سلطاناً على الارض ليغفر الخطايا" (مر2/7-10). يسوع هو طبيب النفوس والاجساد، ويحمل سلطاناً مزدوجاً على شفاء الاجساد من عللها والنفوس من خطاياها، وقد اعطاه لكهنة العهد الجديد، ليمارسوه باسمه في الكنيسة. فاسس لهذه الغاية سرّي الشفاء: التوبة ومسحة المرضى (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1421 و1441).
في سرّ التوبة، ينال التائبون من رحمة الله مغفرة الاساءة التي ارتكبوها بخطاياهم تجاه الله والناس، وارتدوا عنها نادمين. وهم يتصالحون مع الكنيسة التي جرحوها بخطيئتهم، هي التي تعمل بالمحبة والصلاة والشهادة على توبتهم (الدستور العقائدي في الكنيسة،11).
مغفرة الخطايا تنبع من الله الثالوث: من الآب الغني بالرحمة الذي يحققها بموت الابن وقيامته وبعطية الروح القدس للحياة الجديدة، كما يقول الكاهن، في احدى صيغ الحلّ من الخطايا، عندما يمارس السلطان الالهي المعطى له:
" ليشملك الله الآب برحمته: فبموت ابنه وقيامته تصالح مع العالم، وارسل روحه القدوس لمغفرة الخطايا؛ وليعطك بواسطة خدمة الكنيسة الغفران والسلام. وانا بالسلطان المعطى لي، اغفر جميع خطاياك، باسم الآب والابن والروح القدس".
في سرّ مسحة المرضى، عندما يصلي الكاهن ويمسح المريض بالميرون المقدس، تحمل الكنيسة كلها المرضى الى الرب المتألم والممجّد، كما فعل الرجال الاربعة الذين حملوا مخلع كفرناحوم الى يسوع، لكي يخفف من آلامهم ويشركها بآلام الفداء لخير شعب الله ويخلصهم من امراضهم (الدستور العقائدي في الكنيسة، 11).
في المرض يختبر الانسان محدوديته ونهايته. قد يقوده المرض الى الحسرة والانطواء على الذات، وغالباً الى اليأس والتمرد على الله. لكنه يستطيع ايضاً ان يحمل الشخص الى النضوج، ويساعده على تمييز ما ليس بجوهري في حياته، وعلى الالتفات الى الجوهر. وغالباً ما ينتج المرض البحث عن الله والعودة اليه، مثل فرنسيس الاسيزي واغناطيوس دى لويولا وسواهما.
لكل هذه الاسباب " افتقد الله شعبه" ( لو 7/16) بالمسيح الابن المتجسد، بعد ان اعلن نفسه قديماُ لشعبه: " انا الرب طبيبك" (خروج 13/20)، وعلى لسان اشعيا: " سيأتي وقت يغفر الله لشعبه كل خطيئة ويشفي كل مرض" ( اشعيا 33/24).
اشرك الرب يسوع رسله، كهنة العهد الجديد، بخدمة الرحمة والشفاء، " فارسلهم يكرزون بالتوبة، ويطردون الشياطين ويمسحون المرضى بالزيت ويشفوهم" (مر6/12-13). وجدد ارسالهم بعد قيامته: " باسمه يضعون ايديهم على المرضى فيشفون ( مر 16/17-18). وقد اعطى الروح القدس بعضاً موهبة الشفاء لتظهر قدرة نعمة المسيح القائم من الموت (تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 1506-1508).
مارست الكنيسة الرسولية الاولى هذا السّر وفقاً لرتبة اعلنها يعقوب الرسول: " هل بينكم مريض؟ فليدعُ كهنة الكنيسة، ليصلوا عليه، بعد ان يمسحوه بالزيت باسم الرب. فصلاة الايمان تشفي المريض، والرب يقيمه. واذا ارتكب خطايا، تُغفر له ( يعقوب 5/14- 15 ). لقد رأى التقليد في هذا الطقس واحداً من اسرار الكنيسة السبعة (تعليم الكنيسة الكاثوليكية،1510).
4. الشخص البشري قلب السلام
هذا عنوان رسالة البابا بندكتوس السادس عشر ليوم السلام العالمي ( اول كانون الثاني 2007). فقدان السلام يعني هذا الشلل الداخلي في عمق الانسان الذي ينتج عنه الشلل الاجتماعي والوطني.
بالصوم والاماتات نحرر النفس والقلب من الانحرافات الشريرة ونجد السلام الداخلي، وباعمال الرحمة والمحبة نرمّم روابط الاخوة مع الناس، ونشدد اواصر التضامن والتعاون، فنبني السلام الاجتماعي، القائم على العدالة وانماء الشخص البشري والمجتمع انماءً اصيلاً وشاملاً.
تكلّم قداسة البابا في الرسالة المذكورة عن " إكولوجيا السلام" التي تشمل الانسان وسائر الخلق. وقد رتّب الله كليهما، ووضع لهما هيكلية تُسمى النظام الطبيعي المميّز بالانسجام والتفاهم. هذه الاكولوجيا المزدوجة هي هبة من الله الخالق. ولذلك قيل: "سلام مع الله سلام مع الخليقة كلها". ولما انتهك الانسان هذا النظام الطبيعي بخطيئته وشره وظلمه، عاد الله فافتداه من هذه الفوضى.
الخلق والفداء هما اساس السلام، ويدخلاننا في "قراءة عميقة لمعنى وجودنا على الارض. نحن لا نعيش في عالم من دون معنى، لا عقلاني irrationnel))، بل في عالم مبني اساساً على منطق خلقي، له قواعد للعمل البشري الفردي وللعلاقات المتبادلة بين الاشخاص، هي قواعد العدالة والتضامن والترابط، التي كتبتها الحكمة الالهية في عمق ضمير الانسان" (الرسالة البابوية ليوم السلام العالمي). السلام هو مجموعة الخيرات التي يوفّرها عمل الله للبشرية جمعاء، ولكل انسان بالخلق والفداء. انه في آن هبة ومهمة: هبة نلتمسها بالصلاة ونقبلها بشخص المسيح، " امير السلام"؛ ومهمة نقوم بها بشجاعة ومن دون ملل، وهي تصنع من كل شخص ذي ارادة حسنة "طريق سلام" ( عظة البابا في قداس يوم السلام العالمي).
السلام هو ذروة الخيرات الالهية التي يغدقها الله ببركته: " ليباركك الرب، ويحفظك، ويكشف لك وجهه ويمنحك السلام" ( سفر العدد 6/24-26).
***
ثانيا، زمن الصوم ومراحل درب الصليب
في آية شفاء المخلع تظهر انطلاقة للانسان في مسيرة جديدة حسية وروحية، اذ شفاه يسوع نفساً وجسداً. لكن هو الرب نفسه يسير مع الانسان على دروب الحياة، كاهناً وملكاً.
" درب الصليب" طريق كهنوتي وملوكي. من يسير في هذا الدرب لفداء البشر هو يسوع الذي مسحه روح الرب كاهناً وملكاً. لكنه لا يحمل على درب الجلجلة عصاً ولا ثياباً كهنوتية. غير انه يعرف ان ملكوته يبدأ بالشكل الوحيد الممكن: انه يملك بقوة الحب. الآن يبدأ كهنوته، حملأ وديعاً بريئاً، يقدّم ذاته ذبيحة تكفير عن خطيئة العالم (المكرم الكاردينال Newman).
في المرحلة العاشرة، يسوع يُعرى من ثيابه
"وجاؤوا الى المكان الذي يسمى جلجلة، وتفسيره: جمجمة، وأعطوه ليشرب خمراً ممزوجة مراً، فذاق ولم يرد أن يشرب. ولما صلبوه اقتسموا بالقرعة ثيابه، ليتم ما قيل بالنبي: " ثيابي اقتسموا بينهم، وعلى لباسي اقترعوا". وجلسوا هناك يحرسونه" (متى27/33-36).
يسوع، الملك الابدي للازمنة الجديدة، ينزع عنه الثوب الذي اقتضته شريعة الطبيعة، بعد الخطيئة الاصلية، لتستر عري الانسان وتخرجه من خجله. نزعه عنه ليلبس ثوب الكهنوت: " المحبة حتى النهاية" ( يو13/1)، " الحب الذي يستر الخطايا" ( 1بطرس4/8).
ينزع عنه الثوب المادي ليُلبس الانسان ثوب النعمة والبرارة، بثمرة موته على الصليب وقيامته المجيدة. يفتقر حتى من الثوب المادي الضروري ليغني الانسان بالنعم الالهية، عندما انطلق من بيته في الناصرة، لم يكن يملك شيئاً، فاعلن بداية ملكوت الله، والدخول اليه بالتوبة والايمان بالانجيل ( مر1/15).
هذا هو نهج الكهنوت والملوكية: تواضع وتفانٍ، فقر من الدنيا واغتناء بالله، حبٌ يبذل بدون حساب.
***
ثالثاً، الخطة الراعوية
تلتقي الهيكليات الرعوية: مجالس رعائية، منظمات رسولية، لجان، جماعات عيلية، اندية، جماعات تربوية وديرية، لمواصلة تقبّل النص الثالث من المجمع البطريركي الماروني وعنوانه:حضور الكنيسة المارونية في النطاق البطريركي، وتحديداً في القسم المختص بالعلاقات المسيحية-الاسلامية في العالم العربي بنواحيها السلبية من جهة والمقتضيات الضرورية لتوطيدها (الفقرات 40-46).
1. يعاني الشرق العربي اليوم مخاضاً حضارياً عميقاً، كما يبدو في الظاهرات البارزة:
أ- اليقظة الدينية: تطغى على وجهها الايجابي مظاهرُ التشدد والتعصب والعدوانية المقلقة. الاصولية البغيضة تشوّه الاصالة المطلوبة. التديّن فضيلة، لكن التعصّب يشوّه الدين والانسان معاً (الفقرة 41).
ب- رفض التنوّع الديني والثقافي والاتني واللغوي، وتراجع في الانفتاح والتأخي بين المختلفين ديناً واتنية وثقافة، وتقوقع وتحجر واعتدائية، وخلط بين الايمان والتعصّب الديني، وهما نقيضان: الاول ايجابي ومطلوب، والثاني سلبي وبغيض (الفقرة 42).
ج- يرافق المدَّ الاصولي على المستوى السياسي والاجتماعي، غياب الحريات السياسية، وانتهاك حقوق الانسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقضايا سياسية مزمنة ومترابطة تؤثر على المنطقة العربية كلها وهي: القضية الفلسطينية والمأساة العراقية والمسألة اللبنانية. فلا بدّ من التذكير ان الانسان هو المقياس والقيمة الاساسية للنظم السياسية والاجتماعية (الفقرة 43).
2. اما المقتضيات لتصحيح العلاقات وتوطيدها فهي:
أ- الحوار الدائم مع اهل الدين الاسلامي تعتبره الكنيسة المارونية والكنائس الانطاكية واجباً للدفاع عن حقوق الافراد والجماعات التي هي الطرف الآخر لحقوق الله، والتي تشكل الاساس للسلام.
ب- حوار الاعمال المعروف بمجال التعاون بين الاديان من اجل انماء الانسان وتحريره. وهو حوار الى جانب اشكال ثلاثة اخرى هي: حوار الحياة، وحوار المبادلات اللاهوتية، وحوار الاختبار الروحي. لقد توسع في هذه الاشكال من الحوار المجلس الحبري للحوار بين الاديان ومجمع تبشير الشعوب في وثيقتهما المشتركة: حوار وبشارة (1991)، عدد 42 (الفقرة 45).
ج- حضارة الوجه، وهو تعبير لبطاركة الشرق الكاثوليك، يعني حضارة التلاقي الودّي والتحاور الحقيقي والتخاطب المباشر. تقتضي هذه الحضارة استجلاء مفاهيم الكرامة الانسانية والحرية والمساواة، ووضعها موضع التطبيق بما يتفق مع الشرعة الدولية المعروفة بالاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 كانون الاول 1948 عن منظمة الامم المتحدة (الفقرة 46).
***
صلاة
حرّرنا ايها الرب يسوع من مغريات الارض، لنسعى الى اكتساب القيم الروحية والثقافية والاجتماعية، تعزيزاً لها. حقق فينا حضارة الوجه التي تعكس جمال وجهك، وجه الحرية والعدالة، المحبة والسلام. اهّلنا لاحتمال كل شيء ينال من كرامتنا، لكي تسلم القيم ويتعزز الخير العام. اعطنا ان نرتضي العار في هذه الدنيا، راجين ألاّ يسود وجهنا الخجلُ في اليوم الاخير. لك المجد الى الابد آمين.
حركة
مار شربل للحياة
Saint Charbel for Life
Back to Home page
E-mail us:
info@lilhayat.com
Crisis pregnancy Centers :
Lebanon لبنان
09- 902-526
09- 934-164
Canada
Alliance for Life: 1-800-665-0570
Birthrigth: 1-800-550-4900
Toronto: 416-921-6016
Montreal: 514-344-2686
Ottawa: 613-830-8623
Windsor: 519-973-9888
London: 519-432-7098
Halifax: 902-422-8539
Calgary: 408-269-3111
USA
Bethany Christian Services: 1-800-238-4269
Birthrigth 1-800-550-4900
Catholic Charities 1-800-227-3002
National Life Center 1-800-848-LOVE